ميديا

“سناب شات”… بدء رحلة الانحدار

يمن مونيتور / قسم الأخبار:

أمضت “تويتر” و”فيسبوك” و”يوتيوب” العقد الماضي في إدلاء الشهادات أمام الكونغرس الأميركي، بينما ركزت “سناب شات” على ترسيخ نفسها بهدوء، لتكون منصة التواصل الاجتماعي المفضلة لدى المراهقين. قبل 5 سنوات، تنبأ محللون باندثار “سناب شات”، عندما استنسخت “إنستغرام” و”فيسبوك” خصائص عدة منها، لكنها واصلت النمو عبر طرح مجموعة جديدة من الميزات الجذابة.

لكن الانكماش الاقتصادي والتحولات الجذرية في سوق الإعلانات الرقمية، فضلاً عن الصعود الصاروخي لـ”تيك توك”، أثار أزمة في “سناب شات”. في 31 أغسطس/ آب الماضي سرّحت المنصة 20 في المائة من موظفيها. في مذكرة داخلية نشرها موقع ذا فيردج الأربعاء الماضي، أقرّ الرئيس التنفيذي إيفان شبيغل بأن الشركة تسير حالياً على الطريق الخاطئ ولا تحقق أهداف النمو لعام 2022. منذ يناير/ كانون الثاني فقدت أسهم الشركة التي تتخذ من لوس أنجليس الأميركية مقراً لها نحو ثلاثة أرباع قيمتها.

وهكذا، تواجه “سناب شات”، وهي تدخل عقدها الثاني تحدياً جديداً: كيفية تأسيس عمل ناجح ومربح محوره تطبيق لا يزال محبوباً من قبل المراهقين، ولكن يتجاهله إلى حد كبير كبار السنّ. ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست، فإن الشركة المعروفة ببيئتها المتفائلة وخدماتها الغريبة وتفخر بمناهضتها لـ”فيسبوك”، تقلّص طموحاتها حالياً، وتضيق الخناق على موظفيها، في الوقت الذي تكافح فيه للاستفادة من مستخدميها الشباب، وسط التهديدات لنموذج إيراداتها من “آبل” و”تيك توك”.

في حديث لـ”واشنطن بوست” الأحد الماضي، قال المحلّل في شركة الخدمات المالية ويدبوش سيكيوريتيز، دان آيفز: “هذه عاصفة مثالية”، مشيراً إلى تطفل “تيك توك” على ديموغرافية “سناب شات”، وانخفاض الإنفاق على الإعلانات عبر الإنترنت، وتوجه “آبل” إلى الحد من تطبيقات البيانات القادرة على جمع معلومات حول مستخدمي أجهزة “آيفون”.

هذه العوامل كلّها تضاف إلى ما وصفته الصحيفة الأميركية بـ”الانقلاب المذهل في ثروات الشركة”. فبعد إعادة التصميم الفاشلة في “سناب شات” التي دفعت مشاهير إلى هجرها نحو “إنستغرام”، مثل كايلي جينر، أعادت المنصة تثبيت نفسها، بفضل إصلاح تطبيقها على الهواتف العاملة بنظام تشغيل أندرويد، وتحسين أدوات المعلنين، والإقبال المتزايد على استخدام منصات التواصل الاجتماعي خلال فترة الإغلاق التي فرضتها جائحة كوفيد-19. كذلك طورت المنصة ميزات جديدة ذكية لإدماج نفسها في الروتين اليومي لمستخدميها الصغار.

رئيسة الاتصالات في شركة سناب المالكة للمنصة، جولي هندرسون، عزت التسريحات وتراجع الأسهم إلى “بيئة العمل الصعبة”، في بيان وجهته لـ”واشنطن بوست”. وأشارت إلى أن الشركة لا تزال تستقطب مستخدمين وتزيد إيراداتها بوتيرة أسرع من منافسيها، ولكن “كان عليها اتخاذ قرارات صعبة لتجعل تموضعها أفضل في المستقبل”.

عززت “سناب شات” سمعتها لدى المراهقين كمكان للتواصل بعفوية وخصوصية، بعيداً عن رقابة الآباء والمعلمين. وأقامت “سناب” شراكات استراتيجية رئيسية لدمج التكنولوجيا وميزات AR مع شركات مثل تطبيق المواعدة بامبل و”تيكماستر” و”ديزني”. ولم تواجه “سناب” فضائح متعلقة بالإشراف على المحتوى، كتلك التي هزّت “فيسبوك” ومنافسيها الآخرين، عبر تجنب توصيات الخوارزميات لصالح الإشراف البشري على المنشورات. ومالت المنصة بشدة إلى الميزات التي جعلت استخدامها أكثر متعة، مثل الفلاتر الرقمية التي تجعل المستخدم يبدو كطفل أو حيوان، ولو أن بعض هذه الفلاتر أثارت جدلاً.

وارتفعت قاعدة المستخدمين النشطين في “سناب شات” إلى 350 مليون شخص يومياً، لتتجاوز “تويتر” و”بنترست” و”ريديت”. بحلول عام 2022، كانت خامس أكبر منصة تواصل اجتماعي مقرها الولايات المتحدة، بعد “فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب” المملوكة لشركة ميتا، و”يوتيوب” المملوكة لشركة غوغل. ووجد استطلاع أجرته شركة الأبحاث بيو ريسرتش، في إبريل/نيسان، أن 59 في المائة من المراهقين الأميركيين يستخدمون “سناب شات”، وقال 15 في المائة إنهم يستخدمون المنصة “بشكل متواصل تقريباً”.

وبدا مستقبل المنصة مشرقاً، ففي إبريل ذكرت “سناب” أنها لا تزال تجذب ملايين المستخدمين، وسط ركود “فيسبوك”. حتى إنها حققت أرباحاً ربع سنوية لأول مرة في تاريخها الممتد لخمس سنوات كشركة مطروحة للتداول العام.

لكن الوضع بدأ بالتبدل، فلم تحقق الشركة أرباحاً لافتة، وأطلقت أولى عمليات التسريح الجماعي في تاريخها، إذ تخلت عن نحو 1300 وظيفة من قوة عاملة تزيد على 5 آلاف شخص، وبينها فرق كاملة، وأوقفت عمليات الاستحواذ، مثل تلك التي كانت مقررة لتطبيق الخرائط الاجتماعية المستقل زينلي. هذه التبدلات انعكست سلباً على المزاج العام في الشركة، وفقاً لموظفين حاليين وسابقين. وقال أحد موظفي “سناب شات” لـ”واشنطنن بوست”، شرط عدم الكشف عن اسمه، إن “المعنويات منخفضة للغاية”. وأعرب موظفون عن مخاوفهم بشأن القيادة الجديدة، وتطبيق نموذج شركة أمازون، في إشارة إلى استخدام مقاييس أداء لا ترحم لتصنيف الموظفين وتدهور ثقافة “اللطف”.

(العربي الجديد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى