ما يحدث في عدن !
ماذا يحدث في عدن؟ سؤال يفرضه الواقع، واقع خذل المتطلعين للتغيير، خذلان وخديعة، خديعة الرهان الذي تحول لمعيق رئيسي لتغيير حالهم للأفضل، خديعة وهم المكون الجامع الذي لم يحقق إجماعاً، بل زاد من حجم الشتات والفرقة و ومزق النسيج الاجتماعي، وفخخ الواقع الثقافي والسياسي بمزيد من النعرات والنزعات والكراهية، ودمر أحلام وآمال الناس في وحدة الصف والتصالح والتسامح، ليفضي لوطن يستوعب كل أبنائه، بل حولهم لأعداء متناحرين، تحت شعار وراية حق يراد به باطل .
خُدع الناس، بالتوظيف الرخيص لقضيتهم، توظيف الرهان من قبل أعداء التغيير، في الداخل ودعم متعدد الأوجه من الخارج، الخارج بحقده الأسود على البلد من الثورات التحررية، الخارج الحليف الرئيسي للنظام العفن والذي ثار الناس لتغييره، و احبك ذلك الخارج سيناريو البقاء على ذلك النظام، وما هو أسوأ من ذلك النظام، فوجد متعاطفين ومنافقين وافاقين، قبلوا العمل كموظفين في مؤامرة، ضد عملية تغيير حقيقي يفضي لدولة محترمة، ونهضة وتطور وازدهار، ليعاد لعدن دورها الحقيقي في المنافسة والريادة في المنطقة، وهذا ما لم يسمح به .
ماذا يحدث في عدن؟
اغراقها بالعنف، وبنفوذ عقائدي متطرف، تفخيخها بمزيد من التباينات المناطقية، غزوها بالعقلية الريفية والتعصب للهويات الصغيرة ( طوائف وأعراق وسلالات )، تحويلها لساحة فرز مناطقي مقيت، وطائفي عفن، تحويلها لمدينة طاردة للآخر، غير قابلة للتنوع، تجريدها من أيقونتها الثقافية والفكرية، و فسيفساء تنوعها من الأعراق والطوائف والثقافات، والتنوع الجميل المُثري للحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية للمدينة، وبالتالي تتصحر فيها الحياة، و تتصحر فيها العقول، ويسود فيها التخلف والعصبية، يتربع على مؤسساتها المنافقين والافاقين .
ما يحدث في عدن، غير مسبوق، تفوق فيه القائمين على اسلافهم في تخريب عدن، و وجدت المصالح مرتعا للانتعاش، وافسدت الحياة، بفساد القيم والاخلاقيات، بفساد عدالة القضية، وإفساد عدن .
كل شيء في عدن طاله العبث، من مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني ونقابات واتحادات، ادخلوا الجميع في فوضى عارمة من العبث، فوضى التناقضات الغبية، فوضى تغييب القيم وأدبيات العمل والمهنة، فوضى النظام والقانون، الكل اليوم يصيغ لنفسه شرعية، و يشرعن لنفسه مكانة من العدم، كل هذا يدار بخبث من أروقة التحالف وادواته، لتوظيف الغباء والانا والانانية، النفس المريضة التي تقبل ان تكون في موقع لا تستحقه، ورئاسة مؤسسة فوق امكانياتها وقدراتها ومؤهلاتها .
عدن اليوم تستباح، وأهلها وناسها المتطلعون لغدا افضل منهكون ومكلومون، ومندهشين مما يحدث، وبعضهم لازال غير مصدق، يتأمل من هذا العبث خيرا .
السؤال المهم اين النخب الثقافية والسياسية لعدن؟
عدن المنبر المشع ثقافيا وسياسيا، هل انطفأت اشعاع وتنوير، ام انه الملعب وقذارته وادواته، لم يسمح لتلك النخب ان تدلي بدلوها، ولا مجال لها في ظل العنف المفرط وصوت البندقية .
ام انها التناقضات، وحالة الفرز والتصنيف القائم، وتشويش البوصلة، بتصعيد التناقضات الثانوية الاجتماعية والسياسية كقضايا رئيسية بديلة، تدحض عملية التغيير، فيهمل ملعب الصراع للقضية الرئيسية اما جهلا او خوفا، وهي في الغالب جهلا ولدى الفاهمين من المثقفين خوفا .
غياب الثقافة المدنية، أتاح مجال للثقافات العقائدية والعصبية، الغنية بإرث التناقضات، تجتر ماضيها بمفرداته ونهجه وأيدولوجيته، فيصيب الحراك الحقيقي بالشلل والجمود، مع كل اجترارا نمط التفكير من شرنقة الماضي، ويتصدر حضور الفكر العصبوي والعقائدي المتطرف، المنتج للتفرد والتخلف والتعصب وكل أزمات ذلك التفرد والتعصب، من إقصاء وتهميش وانتهاكات .
ما يحدث في عدن من جرائم وانتهاكات ضد القيم والأخلاقيات والنظم والقوانين، تصب في جوهر مشكلة عدن، وأدوات تلك المشكلة، حل القضايا الفردية باعتذار حقير، أو قرار أحقر، أو استعباط بعقول الناس، لم يعد مجدي، يجب ان يعترف الناس بجوهر القضية، ويتم تحديد موقف مشرف لعدن، لتغيير واقعها، وإيقاف العبث القائم فيها، موقف مشرف من مثقفيها وسياسيها ورجالها الاحرار والشرفاء، وهم كثر، تجاوز الاستقطاب، وتجاوز التكتلات التي تزيد من التصدعات والشروخ، والعمل على تكتل مدني ثقافي وفكري وسياسي لعدن، لتتصدر عدن الريادة في القضية الأهم، وتقود النضال لتغيير حقيقي لواقع افضل، مهما كانت التسميات، تتفوق فيه القيم والأخلاقيات الإنسانية، من ثم الحريات والمواطنة، لتفضي لدولة محترم تحترم عقول الناس أولا ثم حقوقهم، لحياة افضل ومستقبل مشرق .