أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقارير

مع زيادة الطلب عليها في اليمن.. مخاطر وتداعيات الاستخدام العشوائي لأقراص منع الحمل

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من وهب الدين العواضي

بعد إنجابها للمولود الثاني، قررت ندى ذات 29 عامًا، بمدينة تعز (وسط اليمن)، أن تبدأ في تنظيم الأسرة ووضع حلاً مؤقتًا لوقف الانجاب بالتوافق مع زوجها، واتفقا على أن يحققا ذلك باستخدام حبوب منع الحمل. كي يتمكنا من تربية ورعاية طفليهما باهتمام والقدرة على التكيف المعيشي في ظل تردي الأحوال الاقتصادية بالبلاد.

لكن بقدر إيجابية الخطوة وأهميتها لبناء عائلة صحية من خلال الالتزام بذلك، إلا أن ندى وشريكها ارتكبا خطأً “كنت بخسر بسببه حياتي”. إذ أحضر لها زوجها عقار حبوب منع الحمل من إحدى الصيدليات بشكل عشوائي، دونما أن تخضع ندى للفحوصات الطبية اللازمة واستشارة الطبيب الذي ينبغي أن يقرر لها وسيلة الحمل الملائمة ونوع الحبوب التي تناسب تركيبتها الهرمونية.

تقول ندى ل”يمن مونيتور” بأنها تناولت تلك الحبوب باستمرار وكانت تسبب لها الكثير من المتاعب كالشعور بصداع شديد معظم الوقت والتوتر وسرعة التعصب والانفعال، حتى أنها لاحظت بخسارتها للوزن. شعرت عندها بأن نوعية الحبوب ليست مناسبة، وحينها عملت على تغييرها بنوع آخر، لكن لم يتغير الوضع، وبعد مرور شهرين زادت الآثار وبدأت تشعر بوخز في ساق إحدى رجليها.

 

عواقب وخيمة

استشعرت ندى خطورة الأمر وذهبت وقتها إلى الطبيبة التي أخبرتها بأن “نوعية الحبوب التي تناولتها مش مناسبة وكانت بتسبب لي جلطة”، ووفقًا للفحوصات اتضح أيضًا بأن حبوب منع الحمل كوسيلة، ليست ملائمة لها، ويجب أن تلجأ إلى وسيلة أخرى تضمن عدم حدوث الحمل كما رغبت لكن لا تعرضها لأي أذى أو تلازمها آثار جانبية للدواء تجعلها تعيش حالة من العنف والصراع الداخلي.

وفي هذا الصدد، تقول اخصائية أمراض النساء والولادة، الدكتورة كفاح الراجحي، إن هناك عدة وسائل لتنظيم الأسرة منها التي تتفاعل مع الهرمونات مثل، الحبوب أو الحقن بإبرة أو الغرزة، والوسائل الأخرى غير الهرمونية مثل، اللولاب والوسائل الطبيعية التي يشترك فيها الزوج مثل الواقيات أو العوازل وكذلك الالتزام الشهري بتجنب أيام التبييض.

وتحذر الراجحي من مخاطر الاستخدام العشوائي لتلك الوسائل، مشيرةً إلى أن هناك قسم للمشورة الطبية في المستشفيات يفترض على الأمهات زيارته لاجراء الفحوصات اللازمة وتحديد الوسيلة الآمنة لمنع الحمل أو استشارة الطبيب المختص، وفي حال أظهرت الفحوصات وجود أي مرض مزمن كالضغط والسكر أو فقر دم أو عوامل تخثرات الدم، يُمنع على المرأة استخدام الوسائل الهرمونية كالحبوب، لأنها قد تسبب جلطات.

وبحسب الطبيبة، فإن هناك أنواع كثيرة لعقار حبوب منع الحمل التي تنتجها مختلف الشركات الدوائية، منها أحادية الهرمون وثنائية الهرمون، وهناك أصناف يكون فيها تركيز الهرمون الأنثوي “الأستروجين” بنسبة عالية، وبالتالي هناك نساء لا يتحملن قدرته ولا يتؤام مع هرموناتهن، وهذا يؤدي كما تصف، إلى مخاطر صحية منها الجلطات، “لذلك المرأة قد تضر نفسها حينما تأخذ أي نوع من الحبوب بشكل عشوائي وبدون مشورة طبية” تتابع.

 

عنف مختلف

عندما لا يُسمح للمرأة استخدام الحبوب المانعة للحمل لأسباب طبية أو حالتها الصحية تمانع ذلك، أو أنها تسبب المتاعب والمشقة ولا تتلاءم معها، يلجأ الأطباء إلى إرشاد الزوجين باستخدام الوسائل الأخرى غير الهرمونية، كالوسائل الطبيعية، لكن غالبا يعود القرار هنا للرجل في المجتمع اليمني ويرفض البعض منهم اعتماد الوسائل الطبيعية القائمة عليه كاستخدام العازل مثلاً، ويرمي بالمسؤولية على المرأة وحدها.

حدث ذلك مع ندى بالفعل، عندما أربكت الحبوب حياتها الطبيعية وجلبت لها التوترات والاضطرابات والنكد والصداع الذي لا ينتهي، كانت قد طلبت من شريكها في بداية الأمر وقبل زيارة الطبيبة، أن تتوقف عن تناول الحبوب واللجوء إلى الوسائل الطبيعية، لكنه “لم يبادلني الاهتمام ونظر للحبوب بأنها الوسيلة الأسهل والأمن والمريحة بالنسبة له”.

وفي هذا الخصوص، ترى الراجحي أن قيام الزوج بفرض وسيلة معينة على زوجته حتى وإن كانت خطيرة على صحتها أو حتى لا تناسبها وتسبب لها متاعب، فإنه يمارس عليها شكلاً مختلفًا من أشكال العنف، لافتةً إلى أن تنظيم الأسرة مسؤولية مشتركة بين الزوجين وليس واجبًا مفروضًا على المرأة وحدها، ولذلك يجب أن يكون لدى الرجل استعدادًا للجوء إلى الوسائل المناسبة مثل العوازل وغيره في أي وقت وإن كانت على حساب راحته.

وتعتقد الطبيبة أن الأمهات اليمنيات يتعرضن للظلم والتعسف، كونهن أكثر من يعاني من هذه المشكلة، لأن الرجل يحمل الزوجة كامل المسؤولية، ويتجنب أي حلول تقف عليه، لذا يؤدي هذا الوضع لحدوث العديد من المشاكل الزوجية الناتجة أساسًا عن تراكمات وتوترات قد تكون سببها وسيلة منع الحمل غير المناسبة والآمنة والتي أُجبرت الزوجة على الالتزام بها.

 

تداعيات نفسية

ولأن الحبوب تتفاعل مع هرمونات المرأة، فإنها بكل الأحوال تسبب آثار جانبية تختلف حدتها من امرأة لأخرى حسب ملاءمتها للتركيبة الهرمونية والحالة الصحية ودرجة تناسبها، كما تلخصها الراجحي، بالصداع والتوتر والقلق والضيق، وأحيانًا قد تسبب خسارة حادة في الوزن عند بعض النساء وزيادة الوزن عند أخريات، تلك الأعراض عامة. لكنها تقود الزوجة إلى واقع أجوائه كئيبة يؤثر سلبًا على الصحة النفسية.

وهنا تفسر الاخصائية النفسية، إيمان البريهي، تلك الآثار الناجمة عن حبوب منع الحمل غير المناسبة للمرأة، بأنها تُحدث حالة من التقلبات المزاجية الغريبة، يلاحظ ذلك من بداية استخدامها للحبوب، وتمر المرأة في محطات نفسية مختلفة خلال اليوم الواحد، بين التوتر والقلق والاكتئاب والنكد، إضافةً إلى تأثيراتها السلبية على التركيز والذاكرة، وتأثيرها على الشهية بتغيُّر نمط التغذية والوزن.

وتوضح البريهي ل”يمن مونيتور” أن استخدام حبوب منع الحمل غير الآمنة قد تؤدي إلى انخفاض الرغبة الجنسية لدى المرأة وهذا قد يؤثر على طبيعة الحياة الزوجية والعلاقة العاطفية، إلى جانب التسبب في اضطرابات بالنوم نتيجة تأثير الحبوب على نظام الهرمونات عمومًا، مشيرةً إلى ضرورة استشارة الطبيب واختيار الوسيلة الآمنة لتنظيم الأسرة وفهم الآثار الجانبية المحتملة لمعرفة كيفية التعامل معها.

وينصح صندوق الأمم المتحدة للسكان، باستخدام الوسائل الآمنة لمنع الحمل الذي خُصص له يومًا عالميًا يصادف 26 سبتمبر من كل عام، كنوع من التذكير بأهمية تنظيم الأسرة. وتشير التقارير بفوائد منع الحمل. كأن قلل عدد حالات الإجهاض ووفيات الأمهات والمواليد المرتبطة بمضاعفات الحمل والولادة، والحفاظ على صحة المرأة، ومزايا اقتصادية تتعلق بتمكين النساء، إلى جانب اعتباره عاملاً أساسيًا في الحد من الفقر.

 

*تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى