بعد الهجمات الأخيرة.. هل نجحت واشنطن في تلميع صورة الحوثيين بالمنطقة؟
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
جددت الولايات المتحدة السبت، هجماتها على أهداف لجماعة الحوثي بتنفيذ ضربة استهدف مواقع عسكرية للجماعة في صنعاء والحديدة، وذلك بعد مضي 24 ساعة على غارات مشتركة مع بريطانيا استهدفت مواقعهم، في تحدي ساهم بشكل غير مباشر في تلميع صورة الحوثيين في المنطقة، وليس إضعاف قدراتهم العسكرية على حد تعبير مسؤولين أمريكيين سابقين.
ورغم التحذيرات والرسائل الأمريكية، واصل الحوثيون إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ مما دفع الولايات المتحدة إلى تنفيذ تهديداتها، ووفقا لجماعة الحوثي فإن الهجمات أسفرت عن مقتل ستة من أفرادها وإصابة خمسة آخرين حتى السبت.
وقالت الولايات المتحدة عبر بيانات للبيت الأبيض ووزارة الدفاع والخارجية، إن الهجمات استهدفت أنظمة الرادار والدفاع الجوي، ومخازن الإطلاق والهجوم والصواريخ الباليستية وكروز.
“رد فعل انتقامي”
وفي هذا السياق، يقول جيرالد فايرستاين سفير الولايات المتحدة السابق إلى اليمن أحد هؤلاء الذين يعتقدون أن واشنطن منحت الحوثيين ما أرادوه بالضبط ألا وهو القتال، وقال “بالتأكيد كانوا يحاولون إثارة رد فعل انتقامي من الولايات المتحدة”.
وأضاف فايرستاين “كانوا واثقين من قدرتهم على الصمود أمام أي شيء نقدم عليه. رأوا أنهم يحظون بدعم شعبي”.
من جانبه، قال مايكل مولروي نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إنه يتعين على الجيش الأميركي الاستعداد لتنفيذ عمل عسكري إضافي.
وتابع قائلا: “على الولايات المتحدة البدء في التخطيط لتصعيد الرد على وقوع مزيد من الهجمات في البحر الأحمر أو سوريا أو العراق”، وطالب بإدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن تلك الأهداف.
يحذر فايرستاين من أن تحدي الحوثيين للولايات المتحدة وحلفائها يساعد في تلميع صورتهم في الشرق الأوسط، وهو قلق يشاركه فيه بعض المسؤولين الأميركيين الحاليين.
وقال فايرستاين “يعزز ذلك صورة الحوثيين على المستوى الإقليمي. ويضعهم في الصف الأول بين المتحالفين مع إيران في محور المقاومة”.
وأضاف “لا يجب علينا أن نمنح الحوثيين ما يريدون، وهذا ما فعلناه بالضبط”.
“رسالة أمريكية للحوثي“
من جانبه، قال متحدث باسم البنتاغون يوم الجمعة الماضية، بعد ساعات من الهجوم إن تحذيرات كثيرة وجهتها الولايات المتحدة للحوثيين لإيقاف هجماتهم على الشحن الدولي البحري لكنهم لم يستجيبوا لتلك التحذيرات.
وبحسب متحدث للبنتاغون فإن الغارات الجوية التي استهدفت مواقع مفترضة للحوثي في عدة محافظات كان هدفها “تقليل قدراتهم الصاروخية”.
وأكد أن الغارات هي عبارة عن “رسالة للحوثيين، وأن نتائج العملية تحت التقييم ولكنها تشير إلى أنها جيدة جدا”. بينما جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي “لا بد أن يوقف الحوثيون هجماتهم ولن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية سفننا”.
وقال رئيس الوزراء البريطاني: الضربات مع الولايات المتحدة في اليمن ستؤدي إلى إضعاف قدرة الحوثي في البحر الأحمر.
ويشير بايدن الجمعة إلى أنه قد يأمر بمزيد من الضربات إذا لم يوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر. وأضاف “سنتأكد من أننا سنرد على الحوثيين إذا استمروا في هذا السلوك الفظيع مع حلفائنا”.
“تحدي حوثي”
جددت جماعة الحوثي، التأكيد، أنها ستواصل عملياتها العسكرية ضد “إسرائيل” ومنع مرور سفنها في البحر الأحمر، متوعدة بأن “العدوان الأمريكي والبريطاني لن يمر دون عقاب”.
وقالت حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً، إن “العدوان الأمريكي والبريطاني السافر، الذي يأتي لدعم الكيان الصهيوني، لن يثني اليمن عن مواصلة عملياته العسكرية ضد العدو الإسرائيلي ومنع سفنه وبقية السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة”.
وأضافت أن “هذا العدوان، الذي حتما لن يمر دون عقاب من قِبل قواتنا المسلحة، يوضح مدى التأثير الكبير لعمليات اليمن العسكرية ضد العدو الإسرائيلي ومنع مرور سفنه، وغيرها من الجنسيات الأخرى المحمّلة بالبضائع المتجهة إليه”.
وبعد أن أقسم قادة الحوثيين بالرد على تلك الهجمات، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه قد يأمر بمزيد من الضربات إذا لم يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية والعسكرية في واحد من الممرات المائية الأكثر أهمية اقتصاديا في العالم.
واليوم السبت، قال بايدن، إن بلاده سلّمت رسالة بشكل خاص إلى إيران بشأن حركة الحوثي المتحالفة معها التي تشن هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وأضاف بايدن للصحافيين في البيت الأبيض، قبل مغادرته إلى المنتجع الرئاسي في “كامب ديفيد”، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع: “سلمنا الرسالة بشكل خاص، ونحن واثقون من أننا مستعدون جيداً”.
“تجنب التصعيد”
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع الأطراف إلى عدم التصعيد بعد الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على أهداف تابعة للحوثيين باليمن، كما حث الدول التي تحمي سفنها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى الالتزام بالقانون الدولي.
وأكد غوتيريش مجددا -في تصريحات أدلى بها المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك- أن الهجمات على الملاحة الدولية بالبحر الأحمر غير مقبولة، وتعرض سلامة سلاسل الإمداد العالمية وأمنها للخطر، ولها تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي والإنساني في العالم أجمع.
ولاحقا، دعا المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ،إلى “ضبط النفس ووقف التصعيد” في البلاد، وذلك عقب الضربات الأمريكية البريطانية.
وقال بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، إن “المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، يعرب عن قلقه إزاء التطورات الأخيرة المتعلقة باليمن”، في إشارة إلى الضربات الأمريكية البريطانية.
وأشار المبعوث بـ”بالغ القلق إلى تزعزع الوضع الإقليمي بشكل متزايد وإلى التأثير السلبي لذلك على جهود السلام في اليمن وعلى الاستقرار والأمن في المنطقة”، حسب البيان.
وأضاف البيان: “يحث المبعوث الخاص جميع الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتقديم المسارات الدبلوماسية على الخيارات العسكرية، ويدعو إلى وقف التصعيد”.
بدوره، أدان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الضربات الأميركية والبريطانية، ووصفها بأنها “عدوان مسلح سافر”.
لكن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد حذرت من أن سفن كل البلدان عرضة لتهديد الحوثيين على الشحن عبر البحر الأحمر.
وشددت غرينفيلد على أنه من دون دعم إيراني سيواجه الحوثيون صعوبات في تعقب سفن تجارية بفاعلية وضربها لدى عبورها مسارات الشحن.
من جانبها، اعتبرت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد أن بلادها اتخذت إجراءات محدودة وضرورية ومتناسبة دفاعا عن النفس.
تحذيرات دولية لشركات الشحن
وعقب تصاعد الهجمات بالبحر الأحمر، حذرت عدة دول شركات الشحن البحرية من العبور عبر مياه البحر الأحمر وباب المندب.
وقالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري إن الحوثيين استهدفوا عن طريق الخطأ ناقلة تحمل نفطا روسيا في هجوم صاروخي يوم الجمعة قبالة سواحل اليمن، وفق ما نقلته وكالة رويترز يوم الجمعة.
قالت هيئة رابطة سفن نقل الوقود إنها تلقت تحذيرات من القوات المشتركة بتوخي الحذر والتوقف عن المرور في باب المندب خلال الأيام القادمة بعد الغارات الأمريكية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن رابطة ناقلات النفط أن قوات البحرية المشتركة حدثت توجيهاتها للسفن بتجنب العبور من باب المندب أيام عدة.
وطلبت الرابطة من كل السفن الابتعاد لمسافة كبيرة عن باب المندب لأن تهديد عمليات الشحن قد يستمر أياما.
وأعلنت شركة هافيتا توقف كل السفن المتجهة إلى مضيق باب المندب أو القريبة منه، وعدة شركات أخرى، بينما ارتفعت قيمة أسهم سفن الشحن في آسيا. وتقول رويترز إن تسع ناقلات نفط تجنبت المرور عبر البحر الأحمر.
“انتقاد روسي وتحذير عربي”
على صعيد الردود الدولية، انتقدت روسيا الغارات المشتركة على اليمن، وقالت السفارة الروسية في اليمن على منصة إكس إن هجمات الولايات المتحدة وبريطانيا غير قانونية ومن دون تفويض الأمم المتحدة، وتحالفهما غير شرعي، وينبغي تسميته بالتحالف الدولي غير الشرعي، استهدف دولة ذات سيادة.
وأدان الكرملين الهجمات على مواقع الحوثي في اليمن، لكن الكرملين دعا الحوثيين أيضا إلى وقف الهجمات على الملاحة والشحن الدولي.
بينما حذرت كل من سلطنة عمان والسعودية والإمارات ومصر من خطر التصعيد؛ وقالت الخارجية العمانية في بيان لها الجمعة إنها “تستنكر اللجوء للخيار العسكري من دول صديقة بينما تتمادى إسرائيل في حربها الغاشمة على قطاع غزة دون حساب”.
وحذر البيان العماني من توسع دائرة الصراع بالمنطقة جراء العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت الإمارات إن الاعتداءات على الملاحة البحرية في البحر الأحمر تمثل تهديدا غير مقبول للتجارة العالمية ولأمن المنطقة والمصالح الدولية.
وأعربت الخارجية اللبنانية، السبت، عن قلقها البالغ من التصعيد الأخير والعمليات العسكرية في البحر الأحمر، محذرة من امتداد الصراع إلى كل الشرق الأوسط.
وقالت الوزارة في بيان نشرته على حسابها في منصة “إكس” إنها تعرب “عن بالغ قلقها من التصعيد الأخير والعمليات العسكرية في البحر الأحمر، وغارات الطيران الحربي على الاراضي اليمنية”.
ودعت مصر، لخفض التوترات في المنطقة، معربة عن “القلق البالغ” إثر تصاعد العمليات العسكرية في منطقة البحر الأحمر على مناطق باليمن.
وأعربت مصر، عن “قلقها البالغ على إثر تصاعد العمليات العسكرية في منطقة البحر الأحمر، والغارات الجوية التي تم توجيهها لعدد من المناطق داخل اليمن.
ودعت إلى “ضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك أمن الملاحة في البحر الأحمر”.
على الصعيد الرسمي، حملت الحكومة اليمنية جماعة الحوثي مسؤولية الغارات على عدد من مواقعه في عدة محافظات، دون إدانة صريحة لها، وقالت إن الهجمات نتيجة لاستفزاز “الحوثي”، لكنها وجهت انتقادا حادا للمجتمع الدولي وتحديدا الدول الكبرى الذي أعاق قوات التحالف والفصائل الموالية له من السيطرة على الحديدة في 2018.
إلى أين يمضي التصعيد؟
عادت الولايات المتحدة ليل الجمعة السبت وشنت غارات جديدة على مطار صنعاء العسكري “قاعدة الديلمي” في أحد أهم المؤشرات على أن الغارات التي شنتها ليل الخميس الجمعة لم تكن فعالة بالشكل الكافي.
وتوقع خبير عسكري أن الغارات الأمريكية قد تستمر لكن أهدافها قد تتغير أو تشهد تطورا. وبحسب الخبير العسكري فإن الغارات المقبلة قد تتطور إلى استهداف قيادات حوثية أكبر في رأس الهرم.
ويشكك خبراء عسكريون بجدوى الهجمات على مواقع عسكرية حوثية خاصة بعد أن تعرضت معظم تلك المواقع لغارات على مدى سنوات، مكنت الحوثي من تطوير قدرات مهمة لإخفاء مخازن الأسلحة بشكل فعال بالإضافة إلى مخازن الطيران المسير، وربما تستطيع الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا إلى تدمير بعض الأصول التي لا يمكن نقلها ببساطة وفق ما يكل نايتس الخبير العسكري الأمريكي بمعهد واشنطن للدراسات الأدنى لكنها لن تكون بالضرورة حاسمة.
ونفت جماعة الحوثي في تصريحات لها بعد الضربات أن تكون قدرتها على استهداف السفن قد تأثرت وتعهدت بمواصلة ما أعلنته من هجمات.
ويتوقع بعد صدور القرار الدولي 2722 أن تستمر الغارات وربما تتطور إلى أن تكون مثل الغارات التي تشنها الولايات المتحدة على جماعات تابعة لإيران في العراق وسوريا.
وبينما تصر الولايات المتحدة على أن تحقيق السلام في اليمن هو أحد أولوياتها، قال محمد عبدالسلام لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية إن الغارات الأمريكية لن يكون لها تأثير على مسار التفاوض بشأن اليمن.
على الأرجح، ستؤدي هذه الغارات إلى تعزيز المكاسب الحوثية أكثر مما كانت تطمح، وقد تصل إلى أن يكون هناك اعتراف بدور إقليمي للحوثي، إن استمرت الغارات الدولية على مواقعه.