سؤال اليوم
هل سيعيد المشهد في غزة للعقل العربي رشده، ويتمكن من تجاوز مائة عام من الفتنة، التي زرعتها فيه سياسة فرق تسد الاستعمارية، وتمكنت من خلالها زرع بؤر هي قواعد استخباراتية اليوم تعمل لصالح القوى الاستعمارية، الإمبريالية والصهيونية، وزرع أفكار مشوهة، وخصومات فاجرة، ونفوس حاقدة، وعقول متحجرة، فتهنا في صغائر الأمور عن أولويات المصير المشترك، ويأتي السؤال المهم، هل سيصنع مشهد غزة صحوة عربية، ويعيد ترتيب أولويات الأمة؟!
ومتى نصحوا ذات يوم وفي لحظة فارقة، لنعلن تسامحنا مع الذات، وفق أولويات المصير المشترك، وننعش روح المشروع القومي العربي، لنتخلص من كل الأفكار المشوهة، ونتجاوز الخصومة الفاجرة، وكل الدمى التي شكلتها لنا القوى الاستعمارية، لتديرنا وفق أجنداتها.
غباؤنا وطيشنا، وحماسنا غير الواعي، أوصلنا اليوم لما نحن فيه، على شفى هاوية، الكل يصرخ وينوح، دون أن يقدم أي تنازل يعيدنا لمسار المصير المشترك، وهذا ما يتطلب مستوى عاليا من الوعي، يبقى السؤال متى سنرتقي لذلك المستوى؟!
صناعة الوعي قضية أمة، واستطاع المستعمر بسياسته الجهنمية أن يشتغل على تضليل العقول، ودعم ثقافة الاستبداد والطغيان، التي أحدثت شروخا، وبررت للصراعات والانتهاكات، شكلت عددا من التراكمات التي أوجدت قضايا خاصة، مناطقية وطائفية، أيدلوجيا وعقائدية، أدخلتنا في حالة من الشتات والفرقة، فتهنا عن مصير الأمة، لنتحول لمجموعة أمم صغيرة، تبحث عن مصير أصغر، في تقزم واضح للتطلعات، مع أن من حق تلك الجماعات الدفاع عن حقوقها المدنية والسياسية، لكنه دفاع يفترض ان لا يكون بمنهى عن المصير المشرك للأمة العربية والإسلامية.
أي مشروع يقف اليوم معيق لوحدة الأمة، هو مشروع ضلالي مدسوس من قبل أعداء الأمة، كل الحقوق والقضايا يجب أن تكون رافدا مهما قويا لمشروع الأمة العربية والإسلامية، للعدالة والحرية والاستقلال والحكم الرشيد، للدولة الجامعة الراعية للمواطنة، والمصير للمشترك.