آسيا الذبحاني.. شابة يمنية تحدت الإعاقة وأبدعت بالفن التشكيلي!
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
تواصل الشابة اليمنية آسيا الذبحاني مهارة الفن التشكيلي برسمها العديد من اللوحات الفنية الجميلة على الرغم من إعاقتها الحركية التي لازمتها منذ الطفولة.
وتبدو على آسيا الهمة الكبيرة والحماس في الوصول إلى الهدف المرسوم الذي تنشده في مجال موهبتها الجميلة.
وقد أصيبت الشابة آسيا بالإعاقة الحركية عندما كانت في سن الرابعة من عمرها وفق حديثها لـ”يمن مونيتور”.
وتقول الذبحاني في سردها لقصة إعاقتها”
أصبت بحمى شديدة على إثرها تم نقلي إلى المستشفى وعندها تم التشخيص بأني مصابة بالتهاب السحايا في الرأس، وقد عملت عائلتي كثيرا من أجل علاجي، من ذلك الانتقال من الريف إلى المدينة بحثًا عن سبيل لاسترجاع عافيتي، وبعد فترة من الزمن تحسنت قليلًا، لكني أصبت بشلل نصفي ما يزال يلازمني حتى اللحظة”.
ومنذ صغرها تواصل آسيا عشقها للفن التشكيلي وقد تمكنت بعزيمتها الكبيرة وإصرارها أن ترسم لوحات جمالية متعددة بيد واحدة نتيجة الإصابة.
وعن بداية مشوارها في الرسم تقول” منذ الصغر كنت أرسم أمورًا بسيطه وبعدما تخرجت من الثانوية تعرفت على رسام كبير اسمه عبد الله المجاهد- يرحمه الله-… عندما رأى رسمي شجعني كثيرًا وأخبرني أنني إذا مارست الرسم سأكون رسامة عالمية”.
وتضيف” المجاهد عرفني على الأستاذ ردفان المحمدي رئيس المنتدى العربي للفنون في اليمن فدرست عنده دورات رسم كما درست دورات أخرى عن بُعد، لكني تعلمت أكثر على يد الأستاذ ردفان المحمدي، الذي ما زال يشجعني ويعلمني حتى هذا الوقت”.
واستطاعت آسيا أيضا أن تحصل على دبلوم مكثف في مؤسسة العربية وحقوق الإنسان لمدة 20 يومًا كما أنها تواصل تعلم الرسم عن طريق الإنترنت لتطور موهبتها أكثر”.
وتلقت آسيا تشجيعًا كبيرًا من قبل أسرتها أولًا ثم من قبل الرسام عبد الله المجاهد وآخرين، الأمر الذي ساهم كثيرًا في نجاحها.
وتنشر إبداعها في الرسم على حساباتها في السوشيال ميديا وعبر معارض الرسم التي
تقام في العاصمة صنعاء.
وقد نشرت العديد من اللوحات الفنية كانت أولاها قبل عامين وهي لوحة الحرازية، التي تعبر عن جمال المرأة اليمنية.
وتعتبر آسيا الفن التشكيلي إلى جانب كونه موهبة فهو مصدر دخل خصوصًا في بلدها الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية واقتصادية نتيجة الحرب الحاصلة فيه.
وتواجه آسيا صعوبات عديدة في مسيرتها الفنية منها صعوبة التنقل إلى الأماكن البعيدة بسبب إعاقتها.
وتشير إلى أنه من ضمن العوائق، ارتفاع أسعار أدوات الرسم فالأدوات ذات النوعية الممتازة تباع بالعملة الصعبة وبأسعار باهظة، وفي الكثير من الأوقات تكون غير موجودة في اليمن فتضطر إلى طلبها من الخارج.
وتابعت” عدم التشجيع من المجتمع سواء كنت فنانة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط الأمر الذي يجعل المواصلات متعبة لي وهذا ما يجعلني ابتعد عن المشاركة في المعارض البعيدة جدًا عن منزلنا”.
وأكدت أن بعض الزبائن لا يقدرون مجهودها ويبخسون ثمن اللوحات واصفينها بأنها مجرد شخبطات.
وقد أثرت الحرب على آسيا كثيرًا من جوانب عدة، أبرزها الجانب الاقتصادي الذي تعاني منه اليمن.
توضح آسيا” برزت موهبتي في الرسم، في زمن الحرب، وأبرز الصعوبات التي أواجهها هي في الجانب الاقتصادي فأنا لا أستطيع أن أشارك في معارض دولية مثلًا بسبب ارتفاع أسعار الصرف إذ إن أسعار الاشتراك مرتفعة”.
وتفيد بأن” الناس في زمن الحرب بالكاد يستطيعون توفير الأمور الأساسية من أكل وشرب، ولم يعد في بالهم اقتناء لوحات رسم أو طلبها”.
ولفتت إلى أن الحرب ألهمتها في مجال موهبتها فقد شاركت في مشروع” جداريات” في إرشيف المرأة اليمنية إذ شاركن فيه سبع فناناتٍ وكان من نصيب آسيا نص يتكلم عن محافظة الحديدة وكيف كانت عام 2017م للكاتبة منال قائد رسمت له آسيا لوحة تجريدية اسمها” الرقص للنجاة”.
وتستوحي آسيا رسوماتها من أفكار”تغذية بصرية” ومن متابعاتها للوحات المعتادة، وكثيرًا ما تستوحي رسمها من قراءتها للخواطر.
وعن تعامل المجتمع معها تقول” المثقفون يرونني شخصيةً مبدعة وطموحة ومثابرة ومصدر إلهام للآخرين، يرون بأني فتاة تغلبت على كافة الصعوبات التي واجهتها وأظهرت نجاحها وإبداعها للعالم”.
وأكدت أن” ذوي الاحتياجات الخاصة هم كبقية أبناء المجتمع، إذا ما توفرت لهم الإمكانات سيبدعون كثيرًا وقد يفوقون الكثير؛ لأنهم يحملون همة كبيرة”.
وتظهر على آسيا روح الرضا عما تقدمه لكنها ما تزال تتعلم وتتابع كثيرًا لتعطي جمهورها جمالًا وإبداعًا يختلف عن الآخرين.
وللشابة آسيا طموحات تسعى لتحقيقها منها المشاركة في المعارض الدولية والتنقل من بلد لآخر لتصل رسوماتها للعالم كله، إلى جانب دارستها الجامعية ووضع بصمة جميلة في الفن التشكيلي.
كما تهدف إلى أن تكون شخصًا ملهمًا لذوي الاحتياجات الخاصة وللكثير من أصحاب الطموحات العالية.
وترسل آسيا رسالتها للموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة أن” آمنوا بأنفسكم ولا تبحثوا عن الشفقة من أحد فأنتم خلفاء الله في الأرض، أنتم مُنعتم من نعمة لكنكم منحتم نعمًا كثيرة، اكتشفوا هواياتكم لأجل أن تبنوا هويتكم الخاصة خذوا مثالًا لكم البردوني و هلين كلير و طه حسين و توماس أديسون”.
وترسل آسيا رسالتها للفتاة اليمنية، أن” تعلمي كثييرًا ليس حرفة واحدة فقط، لا تنتظري أحدًا أن يساعدك أو يوفر لك ماتتمنينه،
الإنترنت سيعلمك أمورًا كثيرة تابعي فيه ما يفيدك واشتغلي على نفسك ولاتستمعي
لمن يحبطك”.
كما ترسل آسيا رسالةً لنفسها بأن” كوني نسخةً أفضل من السابق، تعلمي مما مضى لتصلي لما تطمحين له مع مرور السنوات، كوني قدوة للآخرين”.