كتابات خاصة

حدثنا عن مطار بلدك؟

إجلال البيل

حدثنا عن المطار في بلدك؟
ولك أيها اليمني أن تشبع العالم بالإجابات، أو عليك أن تصمت أمام هذا السؤال الذي تعرف جيدا كم هو مؤلم!  كان هذا السؤال قاصمًا بعد أن أنهيت مشاهدة تقرير في إحدى القنوات الإخبارية عن أكبر مطار في العالم سيتم افتتاحه نهاية سبتمبر المقبل، كان هذا المطار في الصين، مطار داشينغ الدولي الأكبر في العالم، والذي يستوعب ما يقارب سبعين مليون مسافر سنويًا، وبحلول عام ٢٠٤٠ سيصبح العدد مائة مليون!
الكثير من الأسئلة المرتبكة وأنا أشاهد بحسرة صعود العالم، الأسئلة التي لا تجِد لها إجابات شافية، ثمة عوالم تكبر وتعلو، إلا العالم البائس الذي يعيش فيه اليمني، كل شيء في اليمن يجعلك تبتئس بحسرة وألم، يجعلك تُدرك أن ما مضى من عمرك لا يُحتسب، إنها سنوات ضائعة فلتت منك مع مرور الأيام دون أن تدرك ذلك، الآن ونحن نسحق يوميًا مع الوطن لم نعد نشعر أن الخلاص سيأتي يومًا، لا إشارات تمنحنا الراحة ولا آمال تغلب يأسنا الكبير.
منذ أربعة أعوام، نرجو أن يُفتح مطار صنعاء، أن تستأنف الرحلات من وإلى اليمن كحق إنساني وليس مكرمة وفضلا من أحد، العشرات من القصص والحكايات المؤلمة والطريق الطويلة التي يسلكها اليمني كي يصل بجسده المسجى إلى مطار عدن أو سيئون، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من العذاب في بلد ومطار آخر!
بالأمس وقبل أيام قليلة، يعود طيران اليمنية إلى مطار القاهرة بعد الإقلاع بطائرة أشبه ما تكون بالخردة، ثمة استهتار بحياة اليمني من أطراف كثيرة، يتم التعامل مع اليمني كإنسان زائد عن الحاجة، لا أحد يهتم إن ظلت الحرب تعتصر عمره لسنوات أو إن تُترك جثته ملقاة بمطار ما دون أن يكترث أحد لحفر قبر له!
مطار داشينغ، يضم أكبر صالة مسافرين في العالم، بمساحة ١٤٠ ملعب كرة قدم، إنها دهشة الصين المستمرة، وحزن اليمن المستمر، بالطبع لا أقارن بين البلدين إذْ سأبدو في غاية السخف، لكن هناك مفارقة بائسة بين الإنسان اليمني والإنسان الصيني في قارة واحدة، مستقبل يتنامى ومستقبل لا ملامح له، بين حضارة تعود بقوة وإزدهار وتكنولوجيا فائقة، وبين بلد غدت حضارته ركام وحاضره صراع وتشريد، بلد يصعد فيه الإنسان لكوكب آخر، وبلد يعود فيه الإنسان لبدائيته، إلى الكهف من جديد! ثمّة فارق مرعب بين بلدين في قارة واحدة.
إذن السؤال كالتالي:
حدثنا عن المطار في بلدك؟
ولك أيها اليمني أن تشبع العالم بالإجابات، أو عليك أن تصمت أمام هذا السؤال الذي تعرف جيدا كم هو مؤلم!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى