كتابات خاصة

عدم الشعور بالمسؤولية

محمد العليمي

انتشرت الصور بشكل واسع، ضحك الكثيرون منها وكانت مجال تندر واستخفاف ودلالة على أن الفساد يتوغل في المجتمع أفقيا ورأسيا وطولا وعرضا ويمينا وشمالا، وشمل كل نواحي الحياة المدنية والعسكرية والاجتماعية والسياسية والطرقات والبيوت وكل شيء.

قبل أيام انتشرت صورة لباصات بيضاء كبيرة تابعة لجامعة تعز وقد تحولت إلى “وايتات” للمياه بعد إصلاحها عند أحد المهندسين.. لكن هذه الصور التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت باعتبارها ظاهرة من ظواهر الفساد ونهب المال العام من قبل موظفي الحكومة واستخدامها في الأغراض الشخصية، إذ كيف تحولت هذه الباصات العمومية التابعة للحكومة إلى “وايتات” لنقل الماء..

انتشرت الصور بشكل واسع، ضحك الكثيرون منها وكانت مجال تندر واستخفاف ودلالة على أن الفساد يتوغل في المجتمع أفقيا ورأسيا وطولا وعرضا ويمينا وشمالا، وشمل كل نواحي الحياة المدنية والعسكرية والاجتماعية والسياسية والطرقات والبيوت وكل شيء.
وقبل قليل رأيت صورة هذه الباصات على إحدى القنوات ولأن الصوت كان صامتا فقد تذكرت كل ذلك الحديث الدائر في الفيس بوك “وقلت البلد هذا عمره ما يتعافى”
وعندما فتحت الصوت وتابعت البرنامج تأكد لي أن الخبر مختلف تماما عما كنت أعتقد أو عما قرأته في مواقع التواصل، لقد كانت تلك الباصات هي أحد الشواهد المحسوسة على إبداع الفرد اليمني وإمكانية تعافي المجتمع وصورة من صور المسؤولية الفردية تجاه المال العام.
أحد الموظفين المسوؤلين في جامعة تعز رأى أن هذه الباصات تعرضت للتدمير أثناء الحرب وهي لا تصلح لاستعادتها فقرر تحويلها إلى “وايتات” للماء والعمل بها في خدمة الجامعة وسكنها الطلابي.
كان يمكن لهذا الموظف البسيط أن يقوم بعمل محظر إتلاف لهذه الباصات كما يفعل الآخرون في المؤسسات الحكومية الأخرى بعد تأكيد المهندسين باستحالة تأهيل الباصات إعادتها للخدمة.
كانت هذه الحادثة إحدى الحوادث المؤكدة لإخلاص الموظف الحكومي للدولة وللمال العام ولكنها للأسف تحولت في مواقع التواصل الاجتماعي إلى صورة من صور الفساد والعبث بالمال العام.
وربما كل من نشر الصور السابقة للباصات باعتبارها أحد مظاهر الفساد لم يعد ليعتذر عما حصل ويؤكد للمتابعين خطأه في الحكم على فساد الأشخاص وتشويه المجتمع.
ليس هناك شعور بالمسؤولية العامة، بمسؤولية أن نكذب على الشعب وعلى الآخرين، أن نزور الحقائق، أن نتهم أناسا بالفشل والفساد ثم نصمت ولا نعتذر أو حتى نبين الحقيقة..
ليس هناك مسؤولية تجاه الحقيقة وتجاه أن نُشعر الآخرين بتوغل الفساد في كل شيء وأن نفقده الثقة بنفسه وبمجتمعه وبإمكانية أن يكون المجتمع يوما جيدا ومتعافيا.
ليس هناك مسؤولية عامة بأننا نخذع الكثيرين وأن كل تلك القصص التي تناقلنا هي محض خيال مادام أننا لا نراقب ذواتنا أو أفعالنا..

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى