كتابات خاصة

المستقبل بين التطلعات والنزعات

أحمد ناصر حميدان

هذه هي حياة البشر الطبيعية، وهذا هو الكون المتطلع دوما  للتغير و المستقبل الأفضل والحياة السعيدة.

كلٌ منا منذ طفولته وهو على مقاعد الدراسة يتطلع للمستقبل، يتقدم خطوات نحو ذلك المستقبل في كل عام دراسي يمر من حياته وهو يتجه صوب مستقبله العلمي والعملي، ينصب تفكيره كيف سيكون؟ وكيف ستكون الحياة كلما تقدم عاما وأعوام؟

هذه هي حياة البشر الطبيعية، وهذا هو الكون المتطلع دوما  للتغير و المستقبل الأفضل والحياة السعيدة.
تطلع يغمره التفاؤل والأمل، يبدأ بأحلام تكبر كلما كبر العقل وسقل بالتجارب، وكلما اكتسب مزيدا من المعرفة والعلم، أنار له الطريق، وتشبع بالقدرة على تجاوز المعوقات والصعاب، وتخفف من أثقال واقعه المتخلف من عصبيات وارث بالٍ معيق لحركة التغيير الطبيعية للإنسان، ليكن قادرا على مواكبة تغيرات العصر واللحاق بالأمم المتقدمة.
قيل تفاءلوا بالخير تجدوه، والخير هنا يأتي حاملا الرحمة والسعد والبركة، صفات انسانية فيها السمو والرقي، صفات التسامح والتأخي والتوافق، لا مجال فيها لسوء الظن والاناء والأنانية، والعصبيات المدمرة للحياة الطبيعية.
في المجتمعات الغارقة بالعصبيات التي يسودها التمايز وفطرة الأفضلية المزروعة بالتربية القروية، يحدث تصادم بين العلم والمعرفة والثقافة، وبين تلك الموروثات البالية؛ خيرا ..إذا تمكن العلم من كبح تلك العصبيات، وشرا .. إذا تغلبت العصبيات على أعلى الشهادات الورقية.
ويبدأ الصراع بين العقل والعضلات، بين الرؤية المتعالية التي جعلت بعض ذوي تلك النزعات الشخصية الخاصة يرون في عامة الناس مرتعا لغرس وصايتهم، وفرض أفكارهم بالأنا المتهورة والمندفعة وغير المبالية بالعواقب، مغالية في مواقفها بثقة الانحراف عن العقلانية والواقعية في سلوك والانجرار للعنف الذي يولد مزيدا من الانتهاكات؛ وبالتالي مزيد من التراكمات، وبالتالي تقتل فينا الرحمة والاخاء بقتل الانسان الذي فينا، ونفقد بذلك سعد الحياة وحلاوتها.
هذا ما حدث ولا يزال يحدث في بلدي والبلدان المتخلفة، بسبب تلك الشريحة التي تسيطر عليها تعصباتها، تتطلع بالأنا والأنانية، فيجد فيها الطامعون وكيلا مثاليا لتنفذ أجنداتها وفرصة سانحه لتغذية الصراعات والتناقضات السلبية، يمكن شراؤها والاعتماد عليها في المؤامرات مهما رفع من شعارات وردد من خطابات فهي لزوم الاستلاب لتنفيذ السيناريو.
العنف المفرط يجعل من صاحبه يعيش وهم الوصاية على الناس و وطنهم حاضرهم ومستقبلهم، لا يختلف من نصب نفسه وصيا على الدين ومن نصب نفسه وصيا على الوطن؛ فذاك يكفر والآخر يخون، فلا يدركون نتائج سلوكياتهم على المجتمع والوطن والمستقبل. انهم قوى تأجيج وصراع ودمار، قوى تعيش الماضي ولا تفكر في المستقبل، تتطلع للثأر والانتقام أكثر مما تطلع للحب والتسامح والتوافق مع الآخر. تتطلع لقهر الآخرين واهانتهم وسلبهم الارادة ليكونوا تابعين، تدعي محاربة الارهاب والتطرف دون قانون ونظام يحكم ذلك، إن ساد النظام والقانون سيدينها بنفس الدعوة، ما لم تكن أكثر ارهابا وتطرفا ممن تدعي محاربتهم.
لن يتعافى وطن تسوده هكذا عقلية، تستدعي الماضي بصراعاته وتعيش اوهامه و تتطلع تطلعاته، ولا تفكر بتاتا في المستقبل الذي يتطلع له الناس، الخالي من الصراعات والثارات ووقف التراكمات، ورأب الصدع وردم الهوة، وترميم الشروخ الاجتماعية والوطنية، لن يتم ذلك التعافي دون وعي يسيد العقل والفكر ليسطر على نزعات العصبية، يسطر على نزعات العنف ليفرض واقعاً قابلاً للتغيير والولوج للمستقبل بأمل وايجابية لمواكبة تطورات العصر للحاق بالأمم التي سبقتنا.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى