كتابات خاصة

اليمن بين طبقتين

إفتخار عبده

في أيام العيد، ومع استمرار ظروف الحرب المأساوية، تجد البون الشاسع بين أبناء اليمن الحبيب، ففيه لم يعد هناك طبقة وسطى من الناس قط.

في أيام العيد، ومع استمرار ظروف الحرب المأساوية، تجد البون الشاسع بين أبناء اليمن الحبيب، ففيه لم يعد هناك طبقة وسطى من الناس قط.

 لا يوجد سوى طبقتين: الأولى هي الطبقة الغنية التي أغنتها الحرب إلى درجة أنها تخشى على ذاتها أن يعم السلام في هذه الأرض كي لا يزول ملكها.. فهي تعد هذه الأيام فترها المناسبة والرابحة.. تستغل هذه الفرص المتاحة لها في ظل الحرب،  وتنعم على ذاتها بكل ما يمكن الوصول إليه، فعندما تراهم تسأل ذاتك عن أي عناء يتحدث اليمنيون  وهؤلاء يعيشون في عيش رغيد هنيء يعجز اللسان عن وصفه من بذخ وإسراف وتفاخر في الأموال والعقارات والمولات الجديدة والسيارات الفارهة، فضلا عن الصرفيات غير الخيالية وغير المنطقية، فإنفاق يوم واحد يكفي لإعالة أسرة لعام كامل.
وفي جهة ثانية تجد الطبقة الأخرى من الناس، الذين قد أخذت الحرب منهم كل ما كان سببا لسعادتهم، لا يملكون شيئا يمكن أن يسعدوا به ذواتهم أو يمكن لهم عن طريقه أن يبقوا على قيد الحياة لفترة أطول، فتراهم يقدمون فلذات أكبادهم، وهم في حزن عظيم، إذْ كثيرا ما يحدث في هذه الأيام تزويج الصغيرات وكثيراً ما يكون زواجهن لأولئك الأغنياء الذين لم يجدوا مجالا أخرا يذهبون به أموالهم.
لم يكتفوا أولئك بجشعهم في أن أخذوا عن الفقراء أموالهم ومجالات أعمالهم وتركوهم في الجوع والبطالة  يعيشون همومهم وفاقتهم، ولم يكتفوا بأن قتلوا أهلهم وشردوهم من بيوتهم واختطفوا من رجالهم الكثير وهم في طرقهم آمنين، بل تمادوا أكثر واستغلوا فقر الحال وضعفه بأخذ صغيراتهم مقابل مال هم يرونه قليلا وهو عند الفقراء كثير!
 يقول أحدهم، إنه قام بتزويج ابنته قبل عام ولم يرَ لها وجها بعد ذلك: ليتي ذهبت للتسول ولم أقدم على تزويج ابنتي لرجل لا أعرف عنه إلا المال الذي أعطاني في وقت حاجة وفاقة جراء الظروف الصعبة.
 لقد انتهى المال ولم ينته تأنيب الضمير لدى العديد من هؤلاء الذين أجبرتهم الظروف على اتخاذ قرارات صعبة في حياتهم، من بينها تزويج بناتهم من أجل الاستمرار في الحياة.
وفي ظل هذا الواقع المؤسف، ما يزال الكثير يحلم بتغيير الحال إلى واقع أفضل، والعمل من أجل إنها الحرب التي تسبب بمضاعفات كبيرة لدى السكان، فيما كثيرون يتساءلون: إلى متى ستظل تلك الطبقة تعيش سعادتها وأفراحها على شقاء الآخرين وأتراحهم من الطبقة الأخرى؟
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى