كتابات خاصة

غايات اضراب المعلمين

أحمد ناصر حميدان

مطالب المعلمين والتعليم هي ضمن مصفوفة تطلعات الناس في تغيير حقيقي، ينصف كل المظلومين والمضطهدين والمقهورين على أرض الوطن، إذا استخدمت استخدام سيئ، فالنتائج ستكون سيئة لا محالة. لا خلاف ان في التعليم  سحر نهضة الامم، وان المعلم هو باني تلك النهضة.
لا يمكن الحديث عن تغيير حقيقي يلبي تطلعات امة محترمة، دون تعليم محترم يتبوا مكانة سامقة في مشروع تغييري، كمحرك أساسي للوعي ليسمو بالأمة عن الصغائر والمماحكات والمناكفة، لما هو اهم على طريق نهضة وطن وامة.
ما أمسّنا لتعليم ينصب في الاشتغال على الإنسان الذي يعتبر أس التغيير وأداته وغاياته، يزرع وعياً يجعل من النهضة مطمحا ومطلبا اوليا، ويجعل من المعلم معد أجيال متحررة ومنفتحة على العالم، جيل متسائل دوما بلا ملل ولا كلل، الباحث عن اجابات لأسئلة الحياة والتطور، تعليم بمنهج دراسي يشكل وعي اجتماعي عصي على الانجرار خلف دعوات الفتن، وعي من الصعب عليهم تغريره، وسحره بشعارات ودعوات زائفة، وعي قادر على أن يصون المجتمع من الانحطاط القيمي والأخلاقي، والعصبية والعصبة، مناطقية كانت أم طائفية، ايدولوجية عقائدية، وعي يستوعب مصالح الامة، ويستبسل وعياً وثقافة وفكراً في الدفاع عنها.
لكي يتحقق ذلك نحن بحاجة لدولة عادلة محترمة تحترم تلك التطلعات والآمال، ونخب سياسية تتبنى ذلك الوعي وتلك التطلعات، دون أن تستثمرها وتستغلها سياسيا، في اصلاحات شكلية، في ظاهرها الاحترام، وباطنها لا احترام.
هناك دعوات لإضراب المعلمين في المناطق المحررة بدعم المسيطر على تلك المناطق عسكريا، ويبحث له عن شرعية، وظاهريا تبدو ضرورة ملحة لإصلاح حال التعليم والمعلم، وخطوة مهمة نحو التغيير والنهضة، وعندما تدرس حثيات الواقع، وما في الباطن، ينتابك الخوف من أن يجعل من مطامحنا وحقوقنا شرعيته، في استغلال سياسي واستثمر قذر، في صراعاته، وتتضاعف معاناتنا.
مطالب المعلمين والتعليم هي ضمن مصفوفة تطلعات الناس في تغيير حقيقي، ينصف كل المظلومين والمضطهدين والمقهورين على أرض الوطن، إذا استخدمت استخدام سيئ، فالنتائج ستكون سيئة لا محالة، وهذه هي المخاوف التي تستدعي أن يكون الاضراب ليس لحقوق المعلم ولا التعليم فقط، بل نحتاج لأضراب عام يوقف هذا العبث، ويحد من تأثيرات الكائنات التي فرضتها علينا الحرب اللعينة، وتعيق ترسيخ الدولة العادلة، التي ستحقق مطمحنا من مواطنة وحرية وعدل، ولتبدأ بالتعليم والمعلم.
مخاوفنا واقعية، وليست أوهام، كواقع من دعا ويدعو للإضراب، وهي نقابات ذات ميول سياسي يستهدف الحكومة، أكثر مما هو حقوقي، وهي حزمة من الكيانات الطارئة التي اُنشأت في مؤسسات ومرافق الدولة للضغط وكسر ارادة هذه الدولة لتفشلها، والكل يعرف هذه النشاءة والتموين، وقيادتها مجرد مشرفين، ينقادون من أروقة ذلك الكيان، يتحركون ويتوقفون بضغط زر.
بعد أن كنا قد قطعنا شوطاً لابأس به على طريق تحرير النقابات من سلطة الأحزاب وهيمنة السلطة والعسكر، وها هي الحرب تفرض علينا واقعها الآسي، تعيدنا لوحل العنف وفرض أمر واقع مرفوض.
الذاكرة الشعبية لا تصدى، وتتذكر الناس تلك الجموع التي كانت تتحرك مع حركة رئيس الوزراء، لتقف أمام نشاطه في متابعة الخدمات، وتهتف بالفساد والشتم واللعن، يتذكر الناس قرار اعلان عمل موازنة سنوية وفشل ذلك القرار، العجز في ضبط ايرادات الدولة، وتحصيل تلك الايرادات لخزينة دولة تتمكن من تموين بنود تلك الخزينة ومنها بند الرواتب والتوظيف، علينا البحث عن السؤال المهم، أين تذهب ايرادات الدولة ومواردها؟، وما هي أسباب فشل الموازنة؟
ماذا سينتج لنا الاضراب، ونحن في فوضى عارمة، وعبث لامثيل له، ودولة عاجزة عن فرض سلطتها، وإعداد موازنة وخطة عمل، وتفعيل مؤسسات الرقابة والمحاسبة، والقضاء والنيابة، ودولة مطلوب منها أن تكون مجرد عامل خدمات وصراف تحت سلطة ليست سلطتها، وتموين غير مسئولة عنه، التحالف هو الدعم للمال، وهو صاحب القرار.
وأعتقد أن التحالف غير معني برواتب المدنيين، هو معني برواتب العسكرين، يتضح ذلك من اهتماماته، والسؤأل للتحالف.
مع العلم ان هذا الاضراب يمثل مصالحي، وشريحة كبيرة من الزملاء ورفاق الدرب في العمل التربوي، المظلومين لأكثر من عشر سنوات، ونحن متقاعدين دون نفقة، ورواتبنا تتعرض للخصم، وأولادنا من تعينات 2011م والظلم السائر عليهم، لكن الظلم على الوطن أكبر وأشد وجعاً من ظلمنا، وهدفنا اليوم في ترسيخ دولة عادلة تصلح ذلك الخلل وتنصف الناس جميعا دون استثناء، ولن يكون ذلك دون تعليم، والاضراب اليوم وبهذه الصورة وهذا الاستخدام السيئ لمظلمنا، في ظل عدم التعاون مع الدولة لتستعيد شخصيتها الاعتبارية، ومؤسساتها وتعمل بشكل قانوني ونظامي غير مجدي بل مضر، وأكثر ضررا.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى